تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تونس تعتزم تشييد "سدود سفلية" لمواجهة تبخر المياه والجفاف

تونس تعتزم تشييد "سدود سفلية" لمواجهة تبخر المياه والجفاف

أفاد موقع "إندبندنت عربية" في تقرير مفصل له، أن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري في دولة تونس، تخطط لتشييد عشرات السدود الجديدة، من بينها سدود تحت الأرض (تُعرف بالسدود السفلية)، تساعد في الحد من التبخر في ظل موجة الجفاف والحرارة التي تعيشها البلاد بسبب التغيرات المناخية. 

وذكر التقرير ذاته، أن الوزارة ذاتها ستقوم ضمن هذه الاستراتيجية ببناء 31 سداً تلياً في أفق عام 2050، فضلاً عن السدود السفلية تحت الأرض، إضافة إلى تعرية 8 سدود لتحسين الطاقة الاستيعابية. ويشار إلى أن هذه الاستراتيجية ترتكز أساساً على تقليص كميات المياه الموجهة للفلاحة من 80 إلى 70 في المئة، وتخصيص الـ30 في المئة الباقية من الموارد للشرب والقطاعين الصناعي والسياحي.

من جهته، أكد أحد مسؤولي الوزارة لموقع "إندبندنت عربية"، أن المخطط عبارة على دراسة قدمتها وزارة الفلاحة كأحد الحلول الناجعة لمحاربة الجفاف والتغيرات المناخية، مؤكدا أن المشروع لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع إلا إذا رُصدت الميزانية اللازمة له. وتعد تونس من الدول التي لها مؤشر أقل من عتبة الإجهاد المائي المحددة في 500 متر مكعب لكل فرد خلال العام، وفقاً لمعهد الموارد العالمية، إذ تسجل نحو 400 متر مكعب من المياه للفرد في المتوسط سنوياً. كما تعيش البلاد منذ أعوام موجة جفاف حادة أثرت في كل المجالات، خاصة الزراعة ونقص الماء الصالح للشرب، مما جعل السلطات تتخذ إجراءات عدة منها قطع المياه. وفي أكتوبر الجاري أعلنت السلطات أن منسوب المياه تراجع إلى نحو ربع طاقة الاستيعاب الإجمالية للسدود، أي في حدود 27 في المئة. ويوجد في تونس نحو 37 سداً أبرزها سد "سيدي سالم"، إضافة إلى البحيرات الجبلية، حيث تقع غالبيتها شمال غرب البلاد بالمنطقة التي تعرف أكثر تساقطات للأمطار خلال فصلي الخريف والشتاء قبل أن تأتي أزمة الجفاف.

ويقول المتخصص في السدود، عادل الهنتاتي، أن "الدراسة التي قدمتها وزارة الفلاحة بخصوص السدود السفلية تحت الأرض مهمة جداً وتعتبر الحل الأنجع والأفضل للحفاظ على مياه الأمطار التي تتبخر في السدود التقليدية، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة التي نعيشها مع التغيرات المناخية". وأضاف المختص ذاته أن تبخر مياه السدود أصبح معضلة كبرى تواجه تونس، إذ تخسر نحو مليون متر مكعب يومياً بسببه، مما استوجب التفكير في حلول عبر بناء سدود سفلية تتيح جودة مياه عالية وتمنع حدوث هذا التبخر. ويضيف الهنتاتي أن طريقة تخزين الماء في باطن الأرض قديمة في تونس خاصة في جنوب البلاد، وهي عبارة عن تجميع المياه الباطنية في مناطق محددة لتخزينها، مؤكداً أن مشروع تشييد سدود سفلية فكرة قديمة منذ السبعينيات، لكن الدولة لم تهتم بها واختارت بناء سدود على الطريقة الحالية. وبخصوص الاعتمادات المالية الكبيرة لتحقيق هذا المخطط والتي قد تعجز الدولة عن توفيرها، أعرب عادل الهنتاتي أن الدولة اليوم تقوم بمشاريع أضخم وتتطلب اعتمادات أكبر كتحلية مياه البحر، وبالتالي فعليها الالتفات لتحقيق مشروع السدود السفلية.

وفي السياق ذاته، تم عرض الاستراتيجية خلال ورشة نُظّمت في إطار الاحتفال بيوم الأغذية العالمي تحت شعار "المياه هي الحياة، المياه هي الغذاء، لا تتركوا أي أحد خلف الركب" بمقر وزارة الفلاحة، حيث تعتمد على 43 مشروعاً و1200 إجراء تتضمن الرفع من مردودية منظومات جلب مياه الشرب وشبكات الري من 67 في المئة حالياً إلى 85 في المئة في غضون عام 2050، لاستعادة 300 مليون متر مكعب من المياه، مما يتطلب إعادة هيكلة نحو 30 ألف كيلومتر من البنية التحتية بمعدل 1300 كيلومتر سنوياً.

وأفاد وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عبدالمنعم بلعاتي، خلال إشرافه على يوم القروض الموسمية لصغار مزارعي الحبوب بولايتي باجة وجندوبة قبل شهر تقريبا، أن تونس تشهد نقصاً في المياه على مستوى السدود والمياه الجوفية، وأضاف أن "الدولة تسير اليوم نحو توفير مصادر أخرى للمياه من خلال تركيز محطات تحلية البحر، ومنها محطة "الزارات" التي ينتهي إنشاؤها في دجنبر المقبل"، إضافة إلى المحطة الجديدة لتحلية مياه البحر في صفاقس، حيث ستنتهي أشغالها في يناير 2024.