تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تنزيل مشاريع كبرى لتحلية المياه بالمملكة.. ومعادلة "الماء – الطاقة – الفلاحة" في صلب الاستراتيجية المغربية

تنزيل مشاريع كبرى لتحلية المياه بالمملكة.. ومعادلة "الماء – الطاقة – الفلاحة" في صلب الاستراتيجية المغربية

شهدت مدينة إشبيلية الإسبانية يوم 2 يونيو 2025 انعقاد ندوة دولية رفيعة المستوى حول الحلول المائية المستدامة، بمشاركة خبراء ومسؤولين عالميين لبحث التحديات المرتبطة بندرة المياه. وقد مثّل المغرب في هذا اللقاء السيد طارق حمان، المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، حيث عرض ملامح التجربة المغربية ورؤيتها في مواجهة التحديات المائية.

وأكد السيد حمان أن المغرب لا ينظر إلى ندرة المياه باعتبارها عائقا، بل يحاول تحويلها إلى فرصة للتنمية الشاملة من خلال سياسات متكاملة تجمع بين تحلية مياه البحر، وإعادة استعمال المياه العادمة، وربط ذلك بالطاقات المتجددة والفلاحة. وأوضح أن هذا النهج يعكس انتقال المغرب من الاعتماد على الموارد التقليدية إلى تبني حلول مبتكرة ومستدامة.

في عرضه، شدد على أن إعادة استعمال المياه العادمة تمثل أولوية، نظرا لانخفاض كلفتها الطاقية مقارنة بالتحلية، إذ أوضح أن 40% من كلفة إنتاج المياه المحلاة تعود إلى الطاقة. وقال في هذا السياق: "عندما لا نجد الموارد التقليدية، علينا التوجه إلى حلول أخرى مثل التحلية وإعادة الاستعمال. لكنني أرى أن إعادة الاستعمال أكثر جدوى لأنها تستهلك طاقة أقل".

كما أشار إلى أن المغرب كان سبّاقا منذ سبعينيات القرن الماضي في تجربة التحلية، لكنه وسّع استخدامها لتشمل القطاع الفلاحي، مذكّرا بمثال محطة أكادير التي توفر 70% من مياه الشرب للمدينة وفي الوقت نفسه تساهم في ري أراضي سوس المعروفة بإنتاج الخضر والفواكه. واعتبر حمان هذا المشروع "ناجحا ومتكاملا"، مؤكدا أن المملكة تعمل حاليا على تكرار هذا النموذج في مدن أخرى.

 

 

وفي هذا الإطار، توقف عند مشروع محطة الداخلة، التي ستخصص بالكامل للفلاحة، وستشتغل اعتمادا على الطاقة الريحية والشمسية، مما سيقلص كلفة الإنتاج. كما أبرز أن محطة الدار البيضاء التي يجري إنجازها ستكون من بين أكبر محطات التحلية في العالم بطاقة 300 مليون متر مكعب سنويا، مضيفا أن جميع المحطات الجديدة ستكون مدمجة مع الطاقات المتجددة بشكل كامل.

ويسعى المغرب إلى تطوير قدرة إنتاجية تصل إلى 1.7 مليار متر مكعب سنويا من المياه المحلاة في أفق 2030، في إطار رؤية تدمج بين الماء والطاقة والفلاحة. وسيساعد هذا التوجه على تعزيز الأمن المائي بالمملكة وتحقيق توازن اقتصادي وبيئي في الوقت نفسه.

من جهة أخرى، شدد السيد حمان على أن التحديات لا تقتصر على الجانب التقني أو الطاقي، بل تشمل أيضا البعد الاجتماعي المرتبط بقبول المجتمعات لفكرة إعادة استعمال المياه، خاصة إذا تعلق الأمر بالماء الصالح للشرب، مؤكدا أن "هذا المسار يحتاج إلى عمل متواصل لإقناع الناس وتوفير ضمانات السلامة والجودة".

وختم حمان مداخلته بالتأكيد على أن المغرب يعتبر الأمن المائي قضية استراتيجية مرتبطة بمستقبل الأجيال المقبلة، وأن العمل يجب أن يتواصل على المستوى القانوني والمؤسساتي والتقني، إلى جانب تشجيع البحث العلمي ودعم الابتكار التكنولوجي، مبرزا أن الحلول غير التقليدية في مجال الماء ليست خيارا ثانويا، بل أصبحت ضرورة ملحّة لضمان الاستقرار والتنمية.