الأرصاد الجوية: يونيو 2025 هو ثالث أكثر الأشهر حرارة في تاريخ المغرب

كشفت المديرية العامة للأرصاد الجوية أن شهر يونيو 2025 صُنف في المرتبة الثالثة ضمن أشهر يونيو الأكثر حرارة على الإطلاق في المغرب. هذا التصنيف يأتي في سياق موجة حر استثنائية عرفتها البلاد مؤخرا، وكانت مشابهة للوضع في دول أوروبية مثل ألمانيا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال، التي أعلنت أن يونيو هو الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل البيانات المناخية.
وأكد السيد الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، أن هذه الحرارة المرتفعة تعود إلى كتلة هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى، امتدت نحو جنوب أوروبا وشملت أيضا أجزاء واسعة من المغرب. وقد أدى هذا الوضع إلى ارتفاع غير معتاد في درجات الحرارة خلال يونيو، مما جعله من بين الأشهر الأشد حرارة منذ عقود.
وبحسب الأرقام الرسمية، فقد بلغ متوسط درجات الحرارة خلال يونيو 2025 انحرافاً إيجابياً قدره 1.64+ درجة مئوية مقارنة بالمعدل المرجعي للفترة 1991-2020، والذي يبلغ 22.8 درجة مئوية. هذا الانحراف يُعد الأعلى خلال سنة 2025 حتى الآن، إذ لم تسجل باقي الشهور أي انحراف حراري مماثل.
في بعض المدن المغربية، كانت درجات الحرارة أكثر وضوحاً. في مدينة إفران، سُجل شهر يونيو الأشد حرارة منذ سنة 1956، حيث بلغ المتوسط 22 درجة مئوية. وفي فاس، جاء يونيو كثاني أكثر شهر يونيو حرارة في تاريخها بدرجة حرارة متوسطة بلغت 26.4 درجات. أما مدينة وجدة، فقد سجلت رقماً قياسياً جديداً بدرجة حرارة متوسطة بلغت 27.3 درجات، متجاوزة الأرقام المسجلة في سنوات سابقة.
من جهة أخرى، أوضح يوعابد أن عدة عوامل ساهمت في هذه الحرارة المفرطة، من بينها تمدد منخفض صحراوي نحو المغرب، وظهور ظاهرة "الشركي" المحلية التي تتميز برياح حارة وجافة، إلى جانب تأثير ظاهرة "الفون" التي ترفع الحرارة في السهول المجاورة للمرتفعات. كما تم تسجيل "قبة حرارية" ناتجة عن تمركز مرتفع جوي قوي في طبقات الجو العليا، وهو ما تسبب في احتباس الهواء الساخن لعدة أيام.
هذه الحرارة المفرطة ليست فقط حالة جوية مؤقتة، بل هي جزء من تغير مناخي أوسع، حيث تسجل درجات الحرارة ارتفاعاً مستمراً على المستوى العالمي، وتصبح موجات الحر أكثر شدة وتكراراً. وحسب يوعابد، فإن هذا التغير المناخي يجعل الظواهر الجوية مثل القبة الحرارية أكثر حدة وتأثيراً.
ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة، وخاصة بشكل متكرر ومطول، إلى زيادة في تبخر المياه من السدود والأنهار، ويؤثر على تغذية المياه الجوفية. كما يُسبب ضغطاً كبيراً على الطلب على المياه في الزراعة والاستهلاك اليومي، مما يجعل إدارة الموارد المائية أكثر تعقيداً وتحدياً في ظل تغيرات مناخية متسارعة.
في ظل هذه الظروف، يتواصل تعزيز التوعية وترشيد استعمال الماء أولوية وطنية، إلى جانب تطوير استراتيجيات فعالة للتكيف مع المناخ، وضمان استدامة الموارد الطبيعية في المستقبل.